31 octobre 2012 3 31 /10 /octobre /2012 07:00

 

   

Invité de la revue

Version traduite 

 

حوار مع الكاتب والشاعر نبيل حلمي شاكر

      

 

نيللي تازا

 

 

 

 

 

  نبيل حلمي شاكر

 


 بدايته كانت مبكرة جداً وكانت عبارة عن خواطر على شكل مذكرات ومن ثم بعض الأشعار المعتمدة على الموسيقى السماعية... ورغم أن دراسته الجامعية لا علاقة لها إطلاقـاً بعالم الأدب والشعر إلاّ أن الأدب والشعر ظّلا يجريان في دمه وعروقه حتى كان عمله الأول " أوراق من شجرة العمر " وهو ديوان شعر باللغة العامية المحكية ومن ثم الديوان الثاني " همسات القلب " وهو عبارة عن نثر أدبي وبعده " نساء قوس قزح " وهو عبارة عن قصص قصيرة ، وبعده كتاب " أمثالنا الشعبية " وهو دراسة في الأدب الشعبي ثم كانت رواية " سونيا " وبعدها مجموعته القصصية " رجال قوس قزح " وغيرها قيد الطبع. علماً بأنه كاتب واقعي ولا يعتمد على الخيال فكل القصص والأحداث والشعر هي تجارب استقاها من أرض الواقع وعاش أحداثها مع أصحابها الأصليين.

صور للمرأة لا تعد ولا تحصى في كتاباته القصصية والشعرية حيث طرح الكثير من مشاكل المرأة : الزواج المبكر وغير المتكافئ ، الزواج بالغصب، المطلقة ونظرة المجتمع لها، المرأة الأم الحنون، التضحية من أجل الحب، الحب العذري والوفاء له حتى الموت، المرأة اللعوب ، الشرسة ، الجاحدة ، الضعيفة ، العاجزة، العشيقة، الجريئة ، المتحررة ، المثقفة.... صور وأشكال للمرأة وما تعانيه في حياتها ونظرة الرجل الشرقي للمرأة في مجتمعنا، كل ما يجول في خاطرها من مشاعر وأحاسيس . أتساءل في نفسي كيف استطاع دخول هذا العالم الغريب، الغامض، المحيّر، الجذاب والماكر؟ كيف استطاع التسلل إلى أعماقه لاكتشاف خباياه وعواطفه المدفونة ؟ هل يا ترى يكفي ما يسمعه ويراه في الواقع من قصص وحكايات لتعطيه هذه الأفكار عن المرأة أم هو خياله وفلسفته وتحليله لأي امرأة يراهـا أو يعمل معها أو يكون صديقـاً أو قريباً، أو حبيباً لها ؟ ماذا أقول عنه ؟ لقد قرأت لكثير من الكتّاب والشعراء اللذين كتبوا عن المرأة ولكنني لم أجد هذه البساطة والواقعية في كتاباتهم، هذه السلاسة في القراءة ، هذا الإحساس بالصدق والصراحة ، هذا الشعور الداخلي الذي يلامس قلبي وفكري وكأني في بعض اللحظات أقول لنفسي هذا ما حدث معي في بعض فترات حياتي. ولكن هذه القدسية في حب المرأة ، هذا التعاطف معها يدل على حب مقدس ، حب روحي يفوق الخيـال : استيعاب ، رقة ، حنان ، فهم ، تقدير ، حب ، عشق ، دفء ، قوة ، تسامح ، صبر ، عطف ، وفاء للعهد...

 

هذه الصفات كلها مجتمعة في شخص الكاتب ويا له من شخص ! أهناك إنسان حقيقي بهذه الصفات في أيامنا هذه ؟ أهو بشر أم إله ؟ هذه الموهبة الفذة وهذه العبقرية التي استطاعت الدخول إلى هذا العالم الغامض ، عالم المرأة الذي عجز الكثير من أهل العلم والفن من علماء ومفكرين وفلاسفة وكتّاب أن يتوصلوا لإعطاء هذه الصورة الحية ، الحقيقية ، الدقيقة والمتنوعة للمرأة الشرقية المليئة بالحب...

لقد استطاع من خلال كتاباته وقصصه المتنوعة التي استقاها من الواقع ومن المجتمع أن يمس قلب كل امرأة في حكاية من حكاياه لأن وراء كل باب من أبوابنا المغلقة حكايـة. لا شك في أنه لا أحد يستطيع التعبير عن مشاكل وهموم وأحاسيس المرأة في مجتمعنا الشرقي إلاّ امرأةً مثلها تعيش في هذا المجتمع وتتأثر به. ولكن الملفت للنظر أنه من استطاع قراءة المرأة وتصوير عالمها المليء بالحب والتناقضات والمعارك المبنية على القهر والكبت والحرمان. هذا الرجل هذا الشخص الذكوري الذي ينتمي إلى عالم الرجال الظالم المرتبط بتقاليد المجتمع وعاداته. كيف له أن يفهم المرأة بهذا الوضوح ، يقف لجانبها ويناصرها ويتحدى نظرة المجتمع الشرقي لها منذ زمن بعيد . وهو العازب حتى الآن ؟ أهو حبه للمرأة وتقديسه لهذا المخلوق البشري ؟ أهناك امرأة في حياته جعلته يقدس هذا المخلوق ويقف لجانبه ويبرر له أخطاءه ؟ أهناك حب أعمى جارف، حارق، ملتهب، مظلوم، مقدس ، حب روحي قبل أن يكون جسدي ، حب عذري تملّك روحه وفكره وقلبه حتى فجّرَ هذه الموهبة الرائعة لديه في الكتابة والشـعر ؟ من يعرف ؟ إذا كان الأمر كذلك، إنها امرأة في حياته فهنيئاً لكِ أيتها المرأة المؤثرة ، الملهمة التي لولاها لما عرفنا هذا الكاتب ولا هذه الموهبة العظيمة ولا فهمنا من هي المرأة وما تحتاج إليه وما هي حقوقها وما قاسته من معاناة في مجتمعنا الشرقي الجاحد الذي نسي وتناسى مراراً أن المرأة هي نصف المجتمع وإذا كُبِتَتْ أو قُهِرَتْ ولم تأخذ حقوقها على أفضل وجه فقد يُشَل المجتمع . فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة والكاتبة والمحامية والطبيبة والمهندسة..... الخ .

فكيف لك أيها النصف الآخر أيها الذكر أن تحرمها من ابسط حقوقها وهو الحب الذي يقوم عليه وجود البشرية كلها.

وخلاصة القول هل التميز والمزاجية والشمول من سمات رجل البحر؟ أم أنها من سمات النفس البشرية عامة ؟ أغلب الظن أن كاتبنا هذا قد عاش مرارة التجربة وهذا جزء من معاناته. إنه الكاتب والشاعر الساحلي نبيل حلمي شاكر. بعد حواري معه ستجدون بعضاً مما اخترته من قصصه القصيرة التي قمت بترجمتها إلى اللغة الفرنسية ليتعرف القراء الأعزاء على بعض من كتاباته ولكنني حاولت بكل جهدي أن أنقل هذا الإحساس وهذا التعبير الصادق والصريح ، هذا الأسلوب البسيط والسلس إلى اللغة الفرنسية ولكن كما تعلمون أن لكل لغة مفرداتها الخاصة بها وعبقريتها وسحرها التي بترجمتها للغة أخرى تفقد الكثير من جمالها وسحرها. لهذا السبب لم أستطع أن أترجم البعض من شعره حرصاً مني على جمال الكلمة في لغتها الأم. فإلى هذا الحوار المفتوح مع الكاتب والشاعر نبيل حلمي شاكر :

 

 

س1 : أرجو أن تحدثنا عن الخطوط العامة لحياتك ليتعرف السادة القراء عليك

 

ج1 : منذ سنوات طويلة تعبت من عدها... ولدت في 15/6/1949 في مدينة اللاذقية ابنة سورية المدللة الجاثمة على البحر تغتسل بزرقة مياهه وتمشط شعرها تحت الشمس الدافئة تحيط خصرها وجيدها بهذا الفيروز. هناك ولدت في أحد أحيائها القديمة ويدعى سوق العنابة في بيت جدي القديم ذي القناطر العالية التي يكسوها الزجاج المعشق... بيت فيه الكثير من الحب والحنان الممزوج بالبساطة... طفولتي كانت في مدرسة للراهبات (مدرسة سانت فاميل)... كنت طفلاً مشاكساً مدللاً سليط اللسان أعتدي كثيراً على الفتيات وأثير الشغب حولهن وأجد متعة في ذلك ورغم ذلك أحبوني كثيراً ورغم أنني تلقيت عقوبات صارمة ما كنت لأنتهي من ذلك.

حصلت على الإعدادية من مدرسة الكلية الأورثوذوكسية. في أول مرحلة الإعدادية بدأت أحس أن بداخلي شيئاً بل أشياء أريد قولها والتعبير عنها وبدأت وأنا في الحادية عشرة من عمري... وكانت أمي قد أهدتني صندوقـاً صغيراً مصنوعاً من خشب الجوز الفاخر ومبطناً داخله بالساتان الأزرق لون البحر عشقي الأبدي... عند نجاحي في الابتدائية... وكنت أكتب سراً ما يجول بصدري وأخبئ أحلامي داخل الصندوق وما زلت أحتفظ به حتى هذا اليوم. حصلت على شهادة الثانوية التجارية من مدرسة جول جمّال وبعدها ذهبت إلى الجامعة العربية في بيروت لأدرس في كلية التجارة والاقتصاد... وبعد مضي عامين دراسيين شعرت أن ميولي ليست في كلية التجارة والاقتصاد وأنه لم يكن هذا طموحي ولا الحلم الذي راودني وعاش في مخيلتي منذ الطفولة . فتركت الجامعة ولم أكمل دراستي، وبقي هذا الطفل بداخلي يكبر معي لكني ما أحببته يوماً وأريد منه انعتاقـاً... شقيت ببراءته... بطيبته... ومثالياته... في مجتمع يتقن الزيف ويجيد لبس الأقنعة. عملت في عدة وظائف حكومية في البداية في شركة الأخشاب ثم بعدها في المنطقة الحرة ثم بعدها في شركة مرفـأ اللاذقية وكانت آخرها حيث خرجت منها على التقاعد. ما زلت عازباً لم أتزوج وسعيد بعزوبيتي وميولي الأدبية وخصوصاً الشعر.

 

 

س2 : كيف بدأت الكتابة وكيف دخلت عوالمها أو من شجعك على ذلك ؟

 

ج2 : البداية كانت مبكرة جداً في نهاية المرحلة الابتدائية وبداية الإعدادية وكانت كلها محاولات خجولة وغير موزونة... كانت عبارة عن خواطر على شكل مذكرات ومن ثم بعض الأشعار المعتمدة على الموسيقى السماعية ولكي تنضج موهبتي أكثر بدأت المطالعة بنهم كبير، ولا سيما في العطلة الصيفية. أحببت المطالعة كثيراً وكنت أقرأ القصص الرومانسية العاطفية وسلوت الكتابة لفترة ، ولكنها على ما يبدو كانت تعيش فترة حضانة في دمي وتفجرت في سن الشباب والنضوج. ومن خلال تجربة عاطفية فاشلة كتبت أول ديوان شعر باللغة العامية المحلية وكنت قد تعرفت على الأديبة ليلى مقدسي خلال إحدى زياراتي إلى حلب وقرأت ما كتبته وقالت أنه يستحق النشر لأنه صادق وواقعي ويحمل صور جميلة ورقيقة وشجعتني كثيراً وكان الأمر وظهر الكتاب تحت اسم " أوراق من شجرة العمر " والحق يقال أن للسيدة ليلى مقدسي الفضل الكبير في أنها شجعتني ودعمتني ووضعتني على أول الطريق... بعد أن كنت متردداً خائف من الفشل. وكان الكتاب الثاني " همسات قلب " وهو عبارة عن نثر أدبي. وكنت أكتب القصص القصيرة وأنشرها في بعض الجرائد المحلية مثل جريدة الوحدة التي تصدر في محافظة اللاذقية والجماهير التي تصدر في حلب. ثم جمعت بعضها وأصدرت كتاب " نساء قوس قزح " وبعدها كتبت دراسة في الأدب الشعبي عن " أمثالنا الشعبية " وقد جاء خفيف الظل وحقـق نجاح لا بـأس به. ثم كانت روايـة " سونيا " وبعدها المجموعة القصصية " رجال قوس قزح " وهناك العديد تحت الطبع.

 

 

س3 : هل للبيئة أثر كبير على الكاتب ؟ فما هي آثارها عليك ؟

 

ج3 : نعم بكل تأكيد. أنا من عائلة متعلمة أفرادها جامعيون... لكن الثقافة غير العلم بالتأكيد... وأنا ثقفت نفسي بنفسي... من خلال قراءاتي المتعددة... كما تعلمت من البسطاء والناس الشعبيين الكثير، وكانوا هم أهل الحي الذي ولدت به، وعشت فيه طفولتي ومراهقتي وسن الوعي... أحببتهم كثيراً ، وعشت مشاكلهم وآلامهم وأفراحهم، تأثرت بهم وأثروا بي، فالعلاقات بين الناس البسطاء مريحة وبعيدة عن التعقيدات والإشكالات ، بل هي جميلة حقاً... من هؤلاء استقيت أفكاري وإلهامي.

 

 

س4 : لمن قرأت... وبمن تأثرت ؟

 

ج4 : قرأت الكثير وما زلت أقرأ كـل ما تقع يدي عليه...  قرأت هايني بآلامه وعذابه. دستوفسكي، عمر الخيام ومجونه، أبو نواس، جبران وروحانيته، العقاد، يوسف السـباعي... أحببت كثيراً نزار قباني وتأثرت به وبنثرياته أكثر من شعره ... برقة كوليت خوري... ونزق وتمرد غادة السمَّان وتعلمت من حكمة طاغور في كتب ليلى مقدسي... ودقة الوصف عند وداد سكاكيني... أمَّا الشعر الغنائي أو المحلي فتأثري واضح بالمدرسة الرحبانية... وكذلك بشعر أحمد رامي وأنا بصدد إصدار كتابي الثاني باللهجة المحلية وهو بعنوان : " وعد القمر " وهو قيد الطبع.

 

 

س5 : لمن تكتب ؟ وهل أنت في كل ما تكتب ؟

 

ج5 : قال الشاعر اللاتيني هوراس" إذا أردت أن تبكي الناس فابك أنت أولاً " فمن خلال معاناتي التي أجسـدها يرى أي قارئ نفسه فيها ... لأن معاناتنا في الشرق واحدة... ومشاكلنا متشابهة. أكتب معاناتنا وما يجيش في صدورنا ، وأحاول إيجاد الحلول والمبررات من خلال تجربتي... فمهمة الكاتب أن يجعل مساحة القبح في العالم أصغر وأن يُجمّل الحيـاة بصوره الأدبية وإبداعاته الفكرية... فعواطفنا لا يمكن أن تكون إلاّ جميلة ونبيلة... ولا ريب أن الشاعر والأديب لا يحسن الكتابة بغير حب.

 

 

س6 : المعاناة واضحة في كتاباتك ... وألم الفقدان هل هو لنصفك الآخر ؟

 

ج6 : أنا فعلاً أعاني من فقدان الحب والصدق والإخلاص ، من الزيف الذي يُغلّف وجوه وتصرفات البشر... أعاني من الازدواجية ولبس الأقنعة... أعاني لأن قلبي نقي كقلوب الأطفال... وبريء كعذرية السوسن لا يعرف الحقد ولا الكراهية... أعاني لأني بقيت في صومعة مثاليتي... وليس من السهل أن تكون مثالياً في غابة من الشياطين .

أمّا النصف الآخر فأنا لا أستعجله قد أجده يوماً ما... وأتعجب لغلو الناس وإسرافهم في البحث والتعبير عنه... وأنا أحس أنني كامل بنفسي وانني واحد صحيح لا نصف فقط... فمن ذا يقنعني أنني أقل من رقم وأنني نصف فقط... وأن هناك نصفاً آخر في مكان ما ينقصه ليكون الناتج واحداً صحيحاً ؟! ربما أنا عاشق فاشل... وتعرضت لأكثر من تجربة حب فاشلة ولأزمات... لكن الكاتب هو الذي يستطيع الصعود والنزول على سلم الحياة بسهولة .

 

 

س7 : هل أنت تكتب الشعر أم أن الشعر يكتبك ؟ ما رأيك في ذلك ؟

 

 

ج7 : أقولها بصدق الشعر هو الذي يكتبني... ويروي عني... ويحتل حتى أصغر خلية في جسمي... أنا لا أستطيع أن أكتب لو قلت أريد الكتابة... الكتابة كالعشق لا بد أن تحس بها جيداً لتستطيع أن تفعلها جيداً... مجرد كلمة شاعر تربطني بنهر لا ضفاف له اسمه الشعور... عندما أحس أكتب، عندما أنفعل أكتب رغم أني ما ابتسمت لحرف واحد من قصائدي إلا وكتمت ألف دمعة محرقة وعندما أكون ملطخاً بالمعاناة تندلق أفكاري فأركض فوق أوراقي أسابق نبضي وأعدو كحصان مجنون.

 

 

س8 : إنك تكتب الشعر بالعامية وبالفصحى . أيهما برأيك الأكثر انتشاراً وتأثيراً في نفوس القراء ؟ العامية أم الفصحى ؟

 

ج8 : مما لا شك فيه ولا يقبل الجدل أن لغتنا الفصحى من أعرق اللغات . فهي بحر مترامي الأطراف وبلا حدود . وقد عرفت منها ما يكفي لإصدار ديواني القادم ويحمل عنوان " قدري" وهو قيد الإنجاز واعتزازي به لا يقل عن ديواني السابق باللهجة المحلية " أوراق من شجرة العم " . هذا الشعر الغنائي بلهجتنا المحلية التي هي قريبة من القلب وتصل بسهولة إلى أكبر شريحة من مجتمعنا فهي الأكثر إنتشاراً وتأثيراً في نفوس القراء. ألم يقل " أليوت " بضرورة إقتراب الشعر من كلام الناس ؟ فالكلمة البسيطة تخرج من القلب لتصب في القلب بواقعية جميلة... والناس عامة يرددون الشعر المحلي ويحفظون شعر الأغنية أكثر مما يحفظون القصيدة وشعر التفعيلة... والدليل على ذلك شعر الرحبانية الرقيق المعجون برائحة الأرض والطيوب والزعتر البري والذي جسَّده صوت فيروز . من منا لا يحفظ أغنية " نحنا والقمر جيران بيتو خلف تلالنا " ؟ كذلك شعراء العامية أمثال : أحمد رامي وبيرم التونسي الذي كتب أعذب الكلام لأم كلثوم وحفظها الناس عن ظهر قلب حتى أن أحمد شوقي قال في إحدى جلساته الخاصة : " أخشى على اللغة الفصحى من بيرم التونسي من كثرة ما أحب الناس شعره على امتداد الوطن العربي". على العموم إنتاجي الأدبي القادم معظمه بالفصحى ولا بأس أن يكون للشاعر أو الكاتب جوانب متعددة تكشف عن قدراته الأدبية.

 

 

س9 : ما هو مستقبل الأدب والشعر في عصر الكمبيوتر وعصر الاستهلاك ؟

 

ج9 : بت أخشى على مستقبل الشعر مما أراه حالياً وما آل إليه من الكساد... أكاد أصاب بالإحباط... كل شيء الآن مرهون بحساب... بالأرقام... بهذه الآلة الجليدية الفاقدة للحس واسـمها الكمبيوتر... حتى الحب والزواج محسوب بالأرقام... مواصفات... مقاييس... بلا إحساس ولا إنفعال... ومما يمكن أن يعود بالنفع المادي... حتى أصبح الزواج مجرد شركة مدروسة بكافة احتمالاتها... فمن خلال جولتي في محافظات القطر على المكتبات الأدبية شعرت بالحزن فعلاً مما رأيته وسمعته من أصحابها من كساد كتب الشعر وكيف تعلوها الغبار على الرفوف... أحدهم قال لي : " أصبح الذين يكتبون أكثر من الذين يقرؤون " فقلت له : " وهل كل ما يكتب يُقرأ ؟ " ولكن بالنهاية لا بد لنا من الاستمرار في الكتابة لأن رسالتنا في عصر الاستهلاك أن نجعل مساحة القبح في العالم أضيق وأنا أعتبر الشعر غذاء الروح فإن تلاشت وتبددت فما نفع الجسد بلا روح تحركه. والشاعر أو الكاتب عندما يتوقف عن الكتابة معناه وقف النبض... أي النهاية. عندي بعض الأمل... ولكن هيهات... امرؤٌ يتمنى وقدرٌ يسخر...

 

س10 : مما كتبه أحد الأدباء العرب في إحدى الصحف العربية عن كتابك " همسات قلب " أنك في هذا الكتاب توائم بين النثر والشعر أو بمعنى آخر تحقق تزاوجاً بينهما من خلال توليد شرياني موسيقي لما تكتب، وأنه يعتبرك رومانسياً معاصراً متأثراً برومانسيي القرن التاسع عشر في أوروبا وبأدب المهجريين كجبران وإيليا أبي ماضي وآل المعلوف. فماذا تقول في هذا الوصف ؟

 

ج10 : طبعاً كان لهذا الوصف أثر كبير على شحذ همتي لعطاء أفضل وأشمل فهكذا دخلت عالم الكتابة الذي أحببته وانغمست به حتى غَلَّفَ كل كياني.

 

 

س11 : ما هو دور الشعر والأدب في عصر الكمبيوتر وعصر الاستهلاك ؟

 

ج11 : أحياناً أسأل نفسي هل المسافة بين الناس اتسعت فجأة ؟ أم أن المسافة بين العقول تباعدت ؟ ربما اتجهت عواطفهم إلى أشياء أخرى وبصراحة نلمس الفشل في العلاقات الإنسانية في كل مكان واتجاه والكل يشكي من ذلك ؟ وبرأيي أن الأدب بمختلف أشكاله والشعر منه خاصة والفن والعلوم ليست إلا محاولات لتقرب الناس من بعضهم البعض والأدباء والشعراء والفنانون والمفكرون مهمتهم جميعاً أن ينبّهوا الناس إلى طوفان اللامبالاة الذي يجتاح نفوس الناس ويؤدي إلى تردي العلاقات الإنسانية.

 

 

س12:  ما هي مشاريعك القادمة ؟

 

ج12 : هناك العديد من الكتب تحت الطبع منها كتاب " عندما تكلم الصمت " وهو عبارة عن نثر أدبي وغيرها من المخطوطات الجاهزة التي ستصدر لاحقاً وعلى فترات وهي " قدري " شعر باللغة العربية الفصحى، " وعد القمر " شعر غنائي باللغة المحلية العامية ، " ابنة ابليس " رواية رومانسية درامية، " حارة القواهر " مجموعة قصصية من واقعنا الشعبي القديم ، " طائر بلا أجنحة " سيرة ذاتية.

 

 

س13: هل لديك كلمة أخيرة تود الإفصاح عنها ؟ وهل ما زال للكاتب قيمة في عصرنا هذا ؟

 

 

ج13 : أريد أولاً أن أشكرك على هذا الحوار وأريد أن أشكر أيضاً جميع من ساهم في إنجاز هذه المجلة العظيمة التي من خلالها نتعرف على الكثير من الشعراء والأدباء والفنانين ويتعرفون هم بدورهم علينا. ويكون لدينا أصدقاء فيها من جميع الجنسيات بالعالم. فالشاعر هو صديق نستأنس به ونستطيب الكلام معه، وما يحبب هذا الصديق إلينا هو أنه يشاركنا في الشعور والإحساس ويعيش معنا في عالم نفسي واحد وتلك هي ميزة الشاعر الصديق. فلسوء حظ الأدباء أن الأخوة والزوجات الأقارب لا يقرؤونهم لأنهم لا يرونهم شيئاً مهماً أو كبيراً أو مميزاً ويعتبرون ما يكتبونه تسلية لا قيمة لها. يكفي أنه (أي الشاعر أو الكاتب) ملتصق بهم فلا يرونه بوضوح ولكن الشاعر الصديق له مزايا أخرى غير الناس العاديين الذين يقرؤون له فعالم الشاعر أو الكاتب هو عالم مليء بالحب والعواطف و الشجون , هو عالم خاص ومميز هو عالم كل شاعر وكل كاتب في أي بلد وفي أي لغة. فهو عالم أساسه الإحساس والشعور, هو غذاء للروح, فهو إذاً لغة العالم كما يقال عن الموسيقا أنها لغة العالم أيضاً. ولا خوف على مستقبل الأدب والشعر في وجود مثل هذه المجلة وهذا الإعلام.

وثانياً: أريد أن أقول أنه ما زال للأدب و الشعر و الكتاب قيمتهم السامية التي لا غنى عنها وأنه ما زال هناك أناس يتذوقون الشعر والأدب ويجدون فيه الغذاء الروحي لأجسادهم فما زال برأي للكاتب   قيمته المعنوية لا المادية فهو الصديق الوفي اللا بديل عنه لبعض الناس رغم كل هذه التقنيات الحديثة ورغم أننا نعيش في عصر السرعة والانترنيت وبما أن معين الفكر لا ينضب وطالما نعيش الحياة ، نرى ونسمع ونعاني وطالما ما زلت قادراً على العطاء وما زال في العمر بقية.. سأبقى أكتب حتى آخر العمر رغم المرض والألم والحزن ولي ولكم التوفيق.

 

 

 

 

 

    

Pour citer ce texte 

نيللي تازا (Nelly Taza), « حوار مع الكاتب والشاعر نبيل حلمي شاكر », in Le Pan poétique des muses|Revue internationale de poésie entre théories & pratiques : Dossiers « Poésie des femmes romandes », « Muses & Poètes. Poésie, Femmes et Genre », n°2|Automne 2012 [En ligne], mis en ligne le 31 octobre 2012.

Url.http://www.pandesmuses.fr/article-n-2-111626712.html/Url. http://0z.fr/e6GPH

Pour visiter les pages/sites de l'auteur(e) ou qui en parlent

...

Auteur(e)

نيللي تازا

 

Nelly Taza 

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Le Pan poétique des muses - dans n°2|Automne 2012

Bienvenue !

 

LE SITE « PANDESMUSES.FR » DEVRA BASCULER EN HTTPS DÈS LA FIN DE SA MAINTENANCE ET LE COMPTAGE DE SES PAGES À ACTUALISER. CELA PRENDRA DES MOIS VOIRE UN AN. NOTRE SITE AURA AUSSI UN THÈME GRAPHIQUE UN PEU DIFFÉRENT DU THÈME ACTUEL. POUR UNE MAINTENANCE À COMPTER DU 20 OCTOBRE 2023. CETTE OPÉRATION POURRAIT PERTURBER VOIRE RALENTIR LA MISE EN PAGE DE NOUVEAUX DOCUMENTS. MERCI BIEN DE VOTRE COMPRÉHENSION ! 

Rechercher

Publications

Dernière nouveautés en date :

VOUS POUVEZ DÉSORMAIS SUIVRE LE PAN POÉTIQUE DES MUSES  SUR INSTAGRAM

Info du 29 mars 2022.

Cette section n'a pas été mise à jour depuis longtemps, elle est en travaux. Veuillez patienter et merci de consulter la page Accueil de ce périodique.

Numéros réguliers | Numéros spéciaux| Lettre du Ppdm | Hors-Séries | Événements poétiques | Dictionnaires | Périodiques | Encyclopédie | ​​Notre sélection féministe de sites, blogues... à visiter 

 

Logodupanpandesmuses.fr ©Tous droits réservés

 CopyrightFrance.com

  ISSN = 2116-1046. Mentions légales

À La Une

  • AUTOMNE 2024 | NO IV | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941)
    Bienvenue à @JVaudere qui vient à l'instant de rejoindre notre équipe comme rédactrice invitée et spécialisée dans la vie et l'œuvre de l'autrice Jane de La Vaudère ! Cette revue est ravie de sa présence et de collaborer avec elle ! LPpdm, message du...
  • Sophie Brassart, « Geste de toile », Éditions du Cygne, Paris 2024, 49 pages, 12€
    N° IV | AUTOMNE 2024 | NUMÉRO SPÉCIAL 2024 | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941) | 1er Volet | Critique & réception | Dossier mineur | Articles & Témoignages Sophie Brassart, « Geste de toile », Éditions du Cygne, Paris 2024, 49 pages,...
  • Vient de paraître le recueil de poèmes « Nos coutures apparentes » par Imèn MOUSSA
    N° IV | AUTOMNE 2024 | NUMÉRO SPÉCIAL 2024 | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941) | 1er Volet | Invitation à lire | Annonces diverses / parutions & REVUE ORIENTALES (O) | N° 4-1 | Varia & Actualité Vient de paraître le recueil de poèmes...
  • Maternité éternelle
    N° IV | AUTOMNE 2024 | NUMÉRO SPÉCIAL 2024 | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941) | 1er Volet | Critique & réception / Chroniques cinématographiques de Camillæ | Matrimoine poétique | Poésie audiovisuelle & REVUE ORIENTALES (O) | N°...
  • 2024 | Charmille de Poèmes pour Toutes à l'École et La Journée Internationale des Droits des Filles
    Ce site basculera sous peu en HTTPS et il risque de changer d'apparence graphique, la rédaction optimisera le nouveau thème ou réajustera les couleurs et la présentation si cela s'avère nécessaire. Nous vous remercions pour vos patience & indulgence ! Venez...
  • La vie japonaise
    N° IV | AUTOMNE 2024 | NUMÉRO SPÉCIAL 2024 | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941) | 1er Volet | Florilège | Matrimoine poétique | Astres & animaux /Nature en poésie | Presses, Médias, etc. & REVUE ORIENTALES (O) | N° 4-1 | Créations...
  • Concours de poèmes engagés & féministes pour le 25 novembre 2024
    N° IV | AUTOMNE 2024 | NUMÉRO SPÉCIAL 2024 | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941) | 1er Volet | Appels à contributions Concours de poèmes engagés & féministes pour le 25 novembre 2024 Crédit photo : Samuel Woodforde (1763-1817), «...
  • Les pieds ont une pointe
    Événements poétiques | Charmille de Poèmes pour Toutes à l'École & La Journée Internationale des Droits des Filles & N° IV | AUTOMNE 2024 | NUMÉRO SPÉCIAL 2024 | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941) | 1er Volet | Florilège | Poésie...
  • Biographie de Monique CHARLES-PICHON
    Biographie & publications disponibles numériquement Monique CHARLES-PICHON Agrégée de philosophie, docteur en psychologie, autrice, romancière & poétesse © Crédit photo : Portrait photographique de l’autrice Monique CHARLES-PICHON. Agrégée de philosophie,...
  • Estelle, une âme oubliée
    Événements poétiques | Charmille de Poèmes pour Toutes à l'École & La Journée Internationale des Droits des Filles & N° IV | AUTOMNE 2024 | NUMÉRO SPÉCIAL 2024 | Les femmes poètes européennes par Lya Berger (1877-1941) | 1er Volet | Catastrophes, faits...