REVUE ORIENTALES (O) | N°1 | Florilège de créations poétiques
فيروز
Lettre de
Crédit photo : la chanteuse libanaise Fayrouz dans un concert en 2001, domaine public, image de Wikimedia.
Pour "Les figures des orientales en arts", je vous parle de la diva libanaise exceptionnelle Fayrouz* à travers une lettre en arabe, écrite en 2019.
فيروز، المرأة الأكثر شعبيّة في العالم العربي، سفيرتنا الى النجوم، الزوجةُ الرحبانيّة، الفنّانةُ العظيمة بتاريخ فنّي يزيدُ عن خمسين عامًا، فيروز تجمعُ كل العالم العربي في فنّها ورقيّها وعذوبةِ صوتها...
لذلك اخترتُ هذا النّص الذي كتبتُهُ لها على أمل أنْ يصلها مع كل الحبّ.
فيروز
انتِ الأغنية الّتي تكبرُ معي منذ طفولتي، كنتُ استيقظُ على سماعِ صوتك، عبر جهاز الراديو فيصدحُ ليصلَ إلى اعماقِ قلبي، انتِ صبحي، انتِ أمسيتي، انتِ التي شاركتني فرحي وحزني، انتِ من شاركتني انكساراتي وهزائمي، وأفراحي وانتصاراتي، حتى في غربتي خفّفتِ عني أحيانًا كثيرة وأحيانا بكيتُ فقط لسماعِ صوتك.
فيروزُ
انتِ من شاركتني ليالي السهرِ والعشقِ وحتى الضجر، انتِ من رويتُ لها قصصَ العشقِ وانا اناجي القمر، فيروز انتِ من اشرقَ صبحي معها، ومن أزهرتْ ورودها في كل صبحٍ في حديقةِ مشاعري، في الوانِ حياتي السوداء والبيضاء والملوّنةِ بألوانٍ زهريّةٍ وانتِ مَنْ غنّتْ ولوّنَتْ بموسيقاها ألوان أيامي الجميلة.
انتِ منْ جعلتِ روحي تطيرُ وتحلقُ نحو لبناني، عبر عطرِ الحنينِ في كلماتِ الأغاني، نسمعُكِ تزهر أرواحنا وزهر اللوز يزهرُ في حدائقِ قلوبنا وانتِ من تجعلُ منه عطرًا وسكرًا وحلاوة بعذوبةِ صوتها الملائكي النادرِ في هذا الوجود. صوتُكِ واحدٌ أوحد، لا مثيل لهُ في كلِّ الكونِ.
انتِ من غنيتِ الوطنَ أنشودةً خالدةً ومنها ما كان للعسكرِ اجمل أغنية حتى ولو "بي ما راح مع العسكر".
أنتِ الّتي تنقّي الجوَّ بعذوبةِ صوتها وتطربنا بنعومة كلماتِ اغنياتها وتهذّبُ أرواحنا لتعلو إلى السماء نحو الآلهة.
فيروزُ انتِ الجمالُ وعنوانُ الحب والغرام، انت أمسيةٌ رومانسيةٌ حالمة، معها نسافر إلى أماكن خالدةٍ، إلى سماءِ الحرية الأسمى، إلى عفويةِ الشعر والموسيقى الهادئةِ والثوريةِ والوطنيةِ والإنسانية.
انتِ حنجرةٌ ليست من طينٍ بل من لآلئَ وعطرها الياسمين يفوح في سماءِ الوطن العربي وفي العالم اجمع.
كلما استمعتُ اليك كلما استمتعتُ بحنجرةِ صوتك تداعبُ أهدابَ الطفولةِ وتعيدنا إلى جمال الطبيعة الخلابِ فتعلو الروحُ فينا إلى العلاء.
فيروز انتِ نجمةٌ و إلى النُّجوم يرتفعُ صوتُكِ فيكلّل صباحاتنا وكل مساءاتنا وكأنني معك في رحلة حالمةٍ لا تشبهُ اي رحلةٍ ارضيةٍ بل رحلة سماوية بإمتياز.
كأن اغنياتك تجري في شراييني، تسري في عروقي وفي دمي وكأنني أصبحتُ مدمنةً بحبك ومن حبكِ لا اكتفي.
فيروز
غنيتِ الحبّ، و الوطن، فيروز غنيتِ الضيعة والشهادة، غنيتِ الحزن والألم، غنيت الصباحَ والغربة والعصافير، غنّيتِ القيامة، غنيتِ يسوع ومحّمد، غنيتِ القدسَ مدينة الصلاة ولبنان، غنيتِ في لغة الحبِ والمشاعر الإنسانيّة. غنيّت لطفل المغارة وللسلام.
فيروز ما انت؟!
لماذا كل هذه الهالة تحيطُ بكِ وكأنّك من عالم الآلهة والقديسين، من عالمٍ لا يعرِفُ سوى الصلاة في حنجرتها الذهبية، وكأنّكِ ملاك في عالمٍ يغيب عنه الحبّ وتسودُ فيه الحروب والفقر والطمع...
هل انتِ فعلا إنسانة في مثل هذا الزمانِ ام حلم نعيشه في لبنان، في العالم العربي وفي العالم؟
كيفَ لصوتٍ كصوتك ان يشاركني حبي وحزني وقهوتي وكتاباتي واشعاري وآمالي وآلامي وفرحتي؟
من أين لك كل هذا يا فيروزتي؟
هل من شموخِ الأرز تستمدينَ قوة صوتك وعنفوان أغانيك ؟ كيف لحنجرةٍ كحنجرتك ان تسرقَ العشقَ وتغرمَ بها آلاف البشرِ بل الملايين؟
ما سرك ؟!
من اي كوكبٍ انتِ؟
هل من ترابٍ وطينٍ ام من سماءٍ وبهاء؟
مع كلّ أغنية تزرعين الشوقَ من هو عاشق ام لا، الكل يهربُ نحو أغنيةٍ لك تطربنا وتحيينا وتفك الأسرَ عنا. أغنية كافية لتخففَ غربتنا، أغنيةٌ واحدة كافية لتمنحنا الراحةَ، أغنية تمسحُ الحزن عنا، أغنية كافية لتزرعَ الفرحَ فينا، أغنيةٌ تزرعُ الرجاء في قلوبنا.
انتِ لي في كل مكانٍ من ذكرياتي في لبنان، انتِ لي مدينةٌ ووطن وواحةُ سلام.
انت قصتي وانا أرويها بكلِ امانٍ.
انتِ شاطئي اللازوردي المتوسطي وانشودتي نحو خالق السماوات والأرض، وسفينتي ويختي ارسو فيه وانعم بالأمان، انتِ الصخرة عليها بنيتُ الحنان، انتِ لي فيروزُ لي طيرٌ يحلقُ في ذاكرتي، جريحٌ ومعه لا استريحُ سوى عند الوصولِ إلى القممِ الإنسانية عبر أغنيةٍ تحملني الى عالمٍ فيه الراحة والسلام والأمان.
انتِ زهرة المدائن وانت رفيقة ليالي الشمال الحزينة.
انت جارةُ الوادي وانت الزهر والبيلسان، وانت تعرفين انني "بحبك يا لبنان" او "كيف ما كنت بحبّك بشمالك بجنوبك"
انت العزّ والمرجان وانت الحلواية وانت تعرفين ما اسمهُ حبيبي، وانا معك أقول "بالعز مكتوب يا تراب الجنوب" "وكلن رح يفلوا ويبقى الجنوب" و"خدي دخلك هالمنديل وأعطيه لحبيبي" ولقلبي قلت "يا قلبي ما تتعب قلبك، بحبك وعلى طول بحبك"، ولو كانت "شوارع الشمال الحزينة"، ولو "فينا بيتمرجح عمر"، لو اخذتيني إلى "شوارع القدس العتيقة" او بزيارة للقمر لان "نحنا والقمر جيران"، لو غنيت نصّاً ام لا لجبران لان "المحبة لا تعرف عمقها الا ساعة الفراق" ...
فيروز
يكفي ذكر اسمك ليسكتَ الكلام.
فيروز مذ تعرفت عليكِ وصوتك يدغدغُ مشاعري وتهفو اليك روحي وصوتك الرنان يا سيدتي يطربني.
أصبحتِ لي الملجأ واليك يا مدينة الفنِ أصلي، يا زهرة الفن يا عنوان الراحة والسلام، يا فيروز يا نعمة من السماء، يا رسولة المحبة والحب الذي يملأ الدنيا، بكنز صوتٍ لا مثيل له ولن يأتي بعده صوت بهذا البهاء ولا شخص بهذا الرُّقي الفنّي.
عندما تغنّي فيروز يصمتُ الجميع وارواحنا تصلي، فيروز صوتك صومعتي وانا له ناسكة وما اجمل من حياة النساك في الحب والصلاة والقرب من الله، صوتك من صنعِ الله فشكرا لك يا الله.
"يا مرسال المراسيل ع الضيعة القريبة خدلي بدربك هالنّص واعطيه لفيروز.
مني كل الحبّ
فيروز لي
رنا
فرنسا في
4/6/2019
Pour citer ce texte poétique
رنا علم / Rana Alam, « فيروز », Lettre inédite, Revue Orientales, « Les figures des orientales en arts et poésie », n°1, mis en ligne le 23 mars 2021. Url :
http://www.pandesmuses.fr/periodiques/orientales/no1/ra-fayrouz
Mise en page par Aude Simon
Dernière mise à jour : 24 mars 2021
(amélioration de l'affichage du texte)
© Tous droits réservés
Retour au N°1 ▼